لا تستهينوا بنا .. فالمقاومة تجري في عروقنا .. سنبقى مقاومة !

الثلاثاء، 11 سبتمبر 2012

الحراك الشعبي السني في العراق بين خيارين


الحراك الشعبي السني في العراق بين خيارين السلمي والحربي

لم يتعرض بلد في العالم على مر التاريخ لهجمات متتالية مثلما تعرض له العراق ، ولم يتعرض شعب لحملات الإبادة المتعددة الأشكال بقدر تعرض سنة العراق خاصة بعد جريمة غزوه وتسلط الأحزاب الشيعية على مقدرات البلاد ورقاب العباد بنفوذ إيراني ووجود واسع في مفاصل الدولة . كان من البديهي بالفطرة الدفاعية عن النفس والمال والعرض وعن المستقبل المهدد أن يكون رد فعل أهل السنة مستمر لرفض هذه الحملات التي تأطرت بقوانين ظالمة خطتها إيادي تهدف لثارات عقائدية تثيرها عقول مريضة ، فمنذ الاحتلال كان قانون حل الجيش العراقي واجتثاث البعث عنوانا لما هو أكثر خطورة وأوسع قاعدة حتى شملت حتى الذين يعملون في الحكومة من أهل السنة بالتهديد والاعتقال والاغتيال لعدم الحاجة إليهم لاستكمال المشروع الصفوي المبطن لحكم الشيعة في العراق وجعله نواة لولاية الفقيه في المنطقة العربية .


لم يتسن لسنة العراق أن تكون لهم جبهة قوية تناضل بعناوين معلنة من داخل العراق تساندها شخصيات من البرلمان أو من خارجه ضمن هيئاتها الدينية التي تشهد ذاتها لحملات تصفية واستحواذ منظم على المراقد في المحافظات السنية وتحديداً سامراء والعمل جاري على تحويل مرقد الإمام أبي حنيفة بكل الوسائل الذي ما زال شيوخ السنة وأئمتهم لمنعه.

فقد كان لضعف الإسلاميين السنة في الحكومة الأثر البالغ في ضعف التصدي رغم آلاف الأدلة على استهداف العقيدة الحقة وأهلها في السر والعلن بتوجيه السلاح إلى الشعب وترك الحدود مشرعة لتخريب فارسي منظم عدا بعض الواعين لهذا المخطط في البرلمان والذين تم استبعادهم بكيل التهم الكاذبة ، والذي لم يحسن نواب السنة استغلال هذه الصرخات بوحدة تصدي تحقن دماء أهل السنة وتحفظ مناطقهم وثروات العراق من الغول الفارسي . من هذه الأصوات المفردة الواعية كان صوت الأستاذ ( عدنان الدليمي ) والنائب ( محمد الدايني ) والنائب ( عبد الناصر الجنابي) ولكن هذا الضعف الذي ما نزال نلحظه والذي نشأ من الثقافة التي ترفض الطائفية والتفرقة ومن الأخلاق السمحة المعروفة في الدين الإسلامي بأن العفو مقدم في الخصومات والتقرب بالصلح أوفق للمجتمعات مع المصالح الشخصية لأعضاء الحزب الإسلامي أضاعت أصواتهم سدى ونتج عن بقاء من لا يصلح في البرلمان مع ضياع ما هو أهم وهو احتضان المقاومة التي أجبرت أمريكا على الانسحاب ، فقد تم استهدافها من قبل الحكومة بدل أن يتم رفع قادتها إلى مصاف التمكن لضعف أهل السنة وعدم وجود مرجعية دينية توجههم عقائدياً وسياسياً التوجيه المفروض شرعاً . إن هذه الثقافة بعظمتها لا تصلح في العراق مع ممارسات صفوية يومية منذ عشر سنوات سادت كل قوانين الحكومة وتوجهاتها الأمنية على الملأ بعد ثبوت انحراف هؤلاء المجرمين عن الإسلام من ألفه إلى يائه .

أعلن عن الحراك الشعبي في العراق في مقابلة لوكالة الأخبار العراقية مع الشيخ ( عبد الناصر الجنابي) الذي كانت له وقفة ضد المالكي وتهديده له بملف زائف في مجلس النواب بداية تسلم دولة القانون الإدارة وإعلان ( خطة فرض القانون ) التي استهدفت في أول يوم لها منطقة ( الفضل) وشارع حيفا بدل أن تستهدف المليشيات الطائفية الصفوية التي قتلت الآلاف في يوم واحد في مختلف أنحاء العراق أشدها في بغداد مما لا يخفى على أحد . ترك الشيخ الجنابي العراق حينها واعتذر للشعب العراقي وهو عالم بأن مجلس النواب يسير في ترسيخ الاحتلال وإذلال أهل العراق وأن القوات الأمنية طائفية ضد أهل السنة حيث يقول في لقائه :

)لقد بدأ الحراك الشعبي ونشأ في العراق منذ مجيء الاحتلال عندما حُمل السلاح من قبل المقاومة العراقية التي اجبرت الامريكان على اعلان الانسحاب والهزيمة،،، وكان الحراك في مراحله الاولى مؤثرا واربك رجال الاحتلال في العراق ولكن استخدام القوة الغاشمة والاغتيالات واعتقال العناصر القيادية وقيام رجال الدين الموالين لمحكومة الاحتلال بالتحرك لمنع انتشار التظاهرات كان سببا في أن خفتت جذوة هذه الثورة . واليوم وبعد اكثر من عام على انطلاق هذه الثورة لابد ان يستمر الحراك الشعبي الفعال الذي هو احد المسارات الرئيسية للتغيير في العراق نحو الحرية , ففيه توحيد للكلمة وتعجيل بالنصر والتحرير والخلاص من انواع الاحتلال والحكام المستبدين مع ضرورة بروز قيادات وطنية جماعية لهذا الحراك ومنع استحواذ جهة ما على قيادة هذا الحراك , ولابد من رؤية نسترشد بها في مسيرتنا للتغيير نستفيد بها من تجارب الاخرين ) .أ هـ . نقول ها هي الجماهير خرجت للتظاهرات ونالتهم أيادي الغدر ولا تزال وسط تعتيم دولي ولم تنجح فليس الجيش وحده هو الطائفي الفارسي بل قوات الداخلية والأجهزة الأمنية الأخرى ومليشياتها ، وكان الأولى أن يكون التظاهر بوجود جيش حر منشق يرعى التظاهرات بقوة ويلاحق قضائياً من يلاحقهم لا بقضاء مسيس كما في العراق لكان الأمر أتى أكله ، فالشيخ وباقي الشرفاء يعلمون ما يقوله :

الذي يطلق عليه الجيش العراقي اليوم ينتقم من الشعب العراقي الابي ويقتل على الهوية ويدير السجون السرية الاستخبارية بإمرة اعداء العراق وقد بني بشكل طائفي عرقي , وله ولاءات متعددة غير اسلامية ولاوطنية , وليس لديه القدرة للدفاع عن حدود العراق السائبة ولا ثقة له بنفسه بأنه سيستمر لأنه متعلق بمصير من جاء به من المرتزقة الذين يحكمون العراق الان بفعل الاحتلال , وأن تدمير الجيش الوطني العراقي والاجهزة الامنية الوطنية العراقية مشروع الكيان الصهيوني والايراني قبل احتلال العراق ) أهـ

نتوقع من هذا الوعي وبعد عشر سنوات من الخطة الواضحة هذه أن يكون الحراك سنياً ليوازن القوة بما يساويها وإلا لا فائدة منها وسيتم إخلاء مناطق واسعة من أهل السنة بشتى الطرق كما جرى في بغداد المحافظات ، وتوقعت أن أقرأ منه أن هناك حلا سلميا لا يعرض أهل السنة لمزيد من الخسائر ولكن لم أجد مشروع سلمي بقوة القانون في دولة اللا قانون، فالفدرالية حل ناجح سلمي يحافظ على أهل السنة بأقل الخسائر ويمكنهم من حكم أنفسهم تدريجياً حتى تتمكن الجهود من تفعيل جيش واعي لا يوالي عقيدة غير الإسلام الحق أو أي بلد سوى العراق ، لكن تصريحاته ــ مع بالغ تقديرنا واحترامنا لجهوده ــ تدعو للغرابة لأنها أتت بالنغمة نفسها بأن الفدرالية من صنع بايدن ووحدة العراق هي الهدف بينما الكل يعلم أن الانتخابات والديمقراطية من صنع أمريكا والدستور من صنعه أيضا !

يقول الشيخ الجنابي حفظه الله في لقائه :

( البديل الوحيد هو تغيير المشروع الاحتلالي التدميري في العراق بتحرير العراق ظاهراً وباطناً والمحافظة على وحدته وعروبته وتفاعله الطائفي العرقي الديني والعمل لإقامة حكومة وطنية مركزية قوية كفؤة عادلة راشدة تحتكم الى ثوابت الشرع الحنيف وتحفظ الدم العراقي , وتحافظ على مصالحه ,ومكانته بين دول العالم ) أهـ .

نتساءل كيف تحرر الأرض وتحافظ على دولة موحدة قسمها رفع التقية وتسيرها نصرة الإمام المهدي بالقضاء على النواصب وهم أهل السنة بمفهوم الشيعة؟

يقول الشيخ عن الفدرالية: (باستثناء المسألة الكردية فهي مسألة خاصة وقومية) أهـ .

نضع ألف علامة تعجب لهذا الكيل بمكيالين، فلماذا هي خصوصية للأكراد وهم لم يتعرضوا لإبادة جماعية في ظل هذا الحكم الصفوي ، بل مُنحوا الحكم الذاتي في حكم صدام حسين الذي وُصف بالديكتاتورية ؟ فأي مفارقة هذه ؟

أما الحراك الشعبي السني الذي ظهر في العلن عبر صفحة الفيسبوك له والمتحدث الرسمي له الأستاذ ( عبد الله الدوسري ) وكتابه معه، فقد حمدنا الله عليه وهو على حد وصفهم (يدعو للتغيير وإيجاد الحلول للمشاكل الاجتماعية) . أنا وكل غيور ندعو الجميع للانخراط فيه ، ولكن يبقى أن نلقي الضوء على ما نجده من مفارقات تعيق الحراك هذا، ففي نص الأستاذ ( مقداد الحمداني) وهو أحد كتاب الحراك على صفحة الفيسبوك يقول: إن ما يتناوله أفراد من الحراك السني حول تبني الحراك المسلح وأخرون الفدرالية وآخرون الانفصال ما هي إلا آراء فردية لا تمثل رأي الحراك السني!

وأعجب هنا لماذا يختزل آراء أفراد في الحراك وهو كما يقولون يهدف للحوار لأجل إيجاد أفضل السبل لمعاناة أهل السنة ؟ الواضح أنه لم يتم التوصل إلى قرار نهائي للحراك برفض هذه التوجهات بعد فترة من الحوارات والدراسة وهو ما زال يدعو أهل السنة للحوار وإبداء ما لديهم من أفكار وما رأينا بيانا بهذا الخصوص، فأنصح الأخ الحمداني أن لا يكون عاملا يبعد أفراد الحراك وآخرين من هذا الجهد الذي نتأمل فيه خيرا كثيرا .

يقول الكاتب ما يلي في وصف دقيق للحراك : (هي حركة تهدف إلى تصحيح المفاهيم الخاطئة في العمل السياسي والاجتماعي ، وخصوصاً في مسألة إقصاء الآخر والقتل على الهوية واضطهاد الآخرين بمسميات طائفية أو التحالف مع دول الجوار كما تفعل الاحزاب الطائفية الموالية لإيران من أجل القضاء على الوجود السني ) أهــ .

عن نفسي أفهم من هذا أن الحراك السني يحارب الفكر التكفيري للقاعدة لأنه موجه للتغيير ضمن المكون السني، ولكن لم أجد عبارة توضح هذا في النص الذي قرأته ولم أقرأ الحقيقة عند الكاتب. السؤال هنا : لو غيرنا مفاهيم أهل السنة حول الفكر الذي جاءت به القاعدة من تفجير وولاء دول الجوار السني وبالأخص السعودية كما تتهم به ، فكيف يتم التغيير والتصحيح السياسي ؟ لا يوجد حزب سياسي أو كتلة ضمن الحكومة والبرلمان تتبنى هذه الأفكار حتى يتم التخلي عنها وتصحيح المسار السياسي ، فالحال هنا أن التغيير السياسي غير متحقق كما يدعون بل هي تهمة غير مباشرة والله أعلم، بل ما زال الوضع السياسي المتأزم قائما بطغيان الأحزاب الشيعية وثوران الأحزاب الكردية للانفصال مقابل أي ثمن.

يقول الكاتب أيضاً وهو في جلسة يستمع لآراء الشباب حول هذه المنظمة الجديدة ما بين اتهام بأنها من صنع حزب البعث أو تحركه أمريكا أو دول الجوار: (في أجواء التحليلات الكيسنجرية تلك لم استطع القول بأني الكتاب ( الكاتب) مقداد الحمداني ،لأن المنطقة كانت ذات أغلبية شيعية موالية لإيران حيث أن التصريح بالانتماء للحراك الشعبي السني يعتبر خطرا لا ينصح به في تلك المنطقة ) أهـ .

في تصريح خطير وواضح كهذا يعبر عن رفض الشيعة لأي فعل سني ولو كان إبداء الرأي من معارضة أو الشروع في بحث عن حلول بشأن أهل السنة وأوضاعهم ورفع الظلم عنهم فكيف لحراك مسلح أن يلقى النجاح ونحن نعاني من عمليات استهداف الصحافة حيث ما تزال جريمة اغتيال الصحفي الناشط في حقوق الإنسان ( هادي المهدي) غير معلنة وهو أحد زعماء التظاهرات السلمية في ساحة التحرير في بغداد، والكل يعلم أن من اغتاله هم حكومة المالكي وهناك تصريحات غير مباشرة في القنوات الفضائية تبين هذا من قبل نواب من السنة لديهم وثائق يحجمون عن نشرها كالعادة.

المقالة هنا ليست للتثبيط بل بالعكس هي محاولة للوصول لأنجح الطرق لإنجاح هذا الحراك الذي يقوده منذ البداية في العلن الشيخ الدكتور طه الدليمي حفظه الله عن طريق نشر الوعي حول التشيع وتبيين المنهج الأفضل للتصدي له بإذن الله تعالى. وقد تقدم رغم كل المحاولات التي تعيق التصدي ، فما جر علينا الويلات غير الجهل المطبق لعقائد التشيع الذي يضمر الحقد في يد والسلم في يد أخرى ، ولا أمر من الوضع الذي وجدنا عليه أكبر شخصية سنية وهو الأستاذ ( طارق الهاشمي ) واستغرابه من طريقة كيل التهم والتخلص منه كرسالة واضحة وعاهاولكن.. بعد فوات الأوان!

حبذا لو كانت الحوارات تعمل بشكل جماعي باتصالات بين كل الجهات المعنية بالشأن السني كما أعلن عنه الأستاذ الدوسري على أرض الواقع ، وحبذا لو كانت الحلول مجردة من المتعلقات القديمة، فليس لدى السنة خيارات عديدة أو مشاريع عديدة حتى يختار نموذج أو يركب منها ما يشاء ويعدل . الكل يعلم أن العراق منفرد بواقعه ولا شبيه له في المنطقة، وعليه فما نفع مصر وتونس لا ينفع في العراق وما ينفع سوريا لا ينفع أيضاً ، مع أننا نؤمن بشرع الله فلا يوجد حل إسلامي عربي غير الجهاد الذي هو بغية كل مسلم غيور، لكن إن لم تتوفر عوامل نجاحه فستتكرر الخسائر في صفوف صفوة أهل السنة عندما يكون التصدي هذه المرة ضد قوات حكومية ومليشيات تعمل بأمر المالكي أو غيره من الموالين لإيران وضد عوام الشيعة الموالين لها وبغياب دعم عربي. ورفع اليد الطولى لأمريكا التي تمنع التحرك الدولي وهيئاته للتخلص من الطغيان الصفوي هذا بل لا شك في عونه عسكرياً كما تم من قبل، مما يجعل الحل الحربي عملية انتحارية لا خير فيها والعياذ بالله تعم على كل المناطق السنية بالدمار الشامل. كون الحراك العسكري الشعبي هذا وبجماعات متفرقة هنا وهناك يسهل القضاء عليها بغياب العدة وأبسط مقومات الدفاع، ويكون ذريعة لاستخدام الطائرات التي ما تورع عن استخدامها توأمهم حاكم سوريا النصيري عجل الله بفنائه وزمرته .

أخيراً تحية للحراك السني الشعبي ولقادته ولحواراته نحو حياة حرة مستقلة واعية تحت شرع الله بما يحب ويرضى .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق