خاص / مشروع عراق الفاروق
بقلم / آملة البغدادية
دين التناقضات
لا تنتهي تناقضات الشيعة في كتبهم كدين وفي حياتهم وعلى لسان ساستهم كسياسة، فقد بات العراق مسرحاً لهذه التناقضات فمن تقارب المواقف في السقيفة إلى تقارب منهج مجلس الشورى عندهم يتبين لنا أنهم لا يتبعون أصول وقواعد بل خطط ومصالح ناهيك عن عدم إتباعهم لنهج آل البيت رضوان الله عليهم . وهذه الحقيقة واضحة أعجب كيف لم يتوصل إليها الشيعة ، فلو ينظروا ويتفكروا كيف أن نهج الشورى الذي رفضوه من قرون وتعالت أصواتهم بأنه لم يسمح بهذا الإله لأن الحكم بالتنصيص لا باختيار البشر كيف أصبحت حكوماتهم في إيران والعراق تعتمد عليه في شكل مجلس الأعيان المسمى بالبرلمان ومجلس النواب . كيف نفسر هذا ؟ خاصةً أن لأفراد هذه المجالس صلاحيات تشريعية وحق المحاسبة ولا ترفع إلا بالإجماع فهذه هي تطبيق لمنهجية الشورى لا غير، فما يناقش ويجمع عليه يتم تطبيقه وما يرفض أما يطرح بعيداً أو يتم البحث عن التعديل فمن أي باب صرفوه وتحت أي مذهب في كتب عقائدهم حققوه ؟ . العجيب أن غزو العراق فضح عقائد وشخصيات وأحزاب وهيئات وكأنه قدر من الله لتمحيص وغربال وأسأله سبحانه أن يكون الغزو نهاية لإمهال . ألم يفهم الشيعة أن عمائمهم أصبحت تطالب بالشورى حين اكتشفوا أنها المنطق والحل للأزمات ؟ فلماذا يرفضونها في نهج الخلفاء ويقبلونها بينهم ؟ ومثال هذا عندما طالب مقتدى الصدر أبن المرجع وقائد التيار الصدري أكبر كتلة بين الشيعة بإجراء استفتاء شعبي في أمر إعادة الانتخابات لحل أزمة تشكيل الحكومة هل يوافق عليها الشعب أم لا ؟ وهنا أن يكون الحسم لاتخاذ القرار بمجموع الأصوات بنعم أو لا فهذه هي الشورى ولا تقبل أي تفسير آخر، وحتماً ما خرجت إلا بقناعة فكرية وتبعه تطبيق بأمر منه ويعلم مقتدى الصدر جيداً أن مطالبته هي فتوى تخص الحاكمية لا أمر عادي فأين الحدود الحمراء التي وضعوها واختلفوا فيها مع أهل السنة ؟ ما لهم لا يتفكرون ؟ . وأعجب بأي منطق تقبلوا أن يكون أحد حججهم المسماة بحجة الإسلام رئيساً في مجلس شورى وهو المسمى عندهم حجة الإسلام والمسلمين سماحة السيد (حسن الزاملي) إمام جمعة الديوانية ورئيس الشورى المركزية لتيار شهيد المحراب في المحافظة ، وكذلك في إيران مجلس الشورى . أي طعن لدينهم فاضح .
إن رفض السقيفة ومنهج الشورى هو هذا الذي أسسوا عليه مذهبهم وتشيعوا للأئمة بسببه منكرين تخطي حق الوصاية والخلافة فكيف غفلوا عنه وكل الشواهد تنطق بالتناقض في المواقف ؟ إلى متى يبقى الشيعة في ذل العبودية لمراجعهم يلبون كل ما يُطلب منهم أن انتخبوا ورشحوا في البرلمان ؟ لماذا لا يصرخوا لأجل مبادئهم ؟ كيف لا يصرخوا فيهم أين ما حشوتم به رؤوسنا ورؤوس أجدادنا ؟. لو تفكروا بهذا الدين المتناقض البعيد عن أخلاق آل البيت ونزعوا أكفان التقليد لما بقوا في العذاب المهين كالعبيد ولما ضاع العراق . لو فطنوا وهي أداة ترجي وأنى لهم أن يتفكروا حتى يفطنوا ؟
الحاجة إلى السقيفة :
في وسط هذا النزاع والتزاحم والجري المحموم واللغط والصراخ على المناصب ما أحوجنا اليوم إلى السقيفة وما أحوجنا إلى رجال السقيفة كالصديق وعمر وابن عوف (رضوان الله عليهم) مع أن لا شبيه لهم فمكانتهم محفوظة لا يقاربها أي ولا استطاع أحد أن يجمع أفضالهم ولن . من المؤكد أننا لن نجد أمثالهم ولكن نبحث عن همم وقمم تتبعهم، فهم خير سلف وخير من اقتدى بالنبي صلى الله عليه وسلم وهم الراشدون المهديون ، ومن سار على سنته وهم المفلحون . السقيفة المجيدة هي عندنا نحن شعب العراق المبتلى الصابر الذي لا يطيق المزيد حاجة ملحة وطلب عاجل ونداء لرجال ذوي مواقف مشابهة وأهداف مشابهة نقلها لنا التاريخ، فما فائدته إن لم نأخذ منه العبر والحلول؟ فالإسلام زاخر بالمواقف الحكيمة والنتائج المسرة ولكن قلما نجد من يجددها وهذه حقيقة يعلمها الكثير ويحجم عن ذكرها القادة إلا علماء الدين . ما نحتاجه اليوم هو هذه الهمم وهذه القلوب التي لا تهاب إلا الخالق، وما انتظرناه هو هذه الحكمة في اختيار الوقت وتجاوز الآلام وصعوبة الأزمة لتحبط محاولات سرقة الأمر من أهله والحكم من بيته ، ولكن طال انتظارنا للأسف . هو نداء بالنيابة عن ملايين العراقيين أنادي وأقول أن حاجتنا لهم عاجلة لوقف الدماء التي لو كانوا في سقيفة الشركاء منذ بداية الاحتلال لما سالت بسبب التنافس على المناصب، ولتوقفت النزاعات كما توقفت بين الأوس والخزرج وبين الأنصار والمهاجرين ولهذا كان الوصف بأنها فتنة وقى الله شرها . نعم أن الفرق شاسع بين سقيفتنا التاريخية المشرقة وبين سقيفتهم الجائرة السوداء ولكنها حددت الحكام وأجمعت الأمر وكان بينهم من ظننا أنهم الرجال ولكن أتضح لنا بأنهم رجال بلا عقيدة ودينهم المصالح . الخطأ كبير منذ البداية لأن الرجال لم يكونوا بمستوى الوعي بعقيدة التشيع فلم يعوا حجم المؤامرة ، ولهذا حرموا الاشتراك في الحكومة وانتظروا القتل بانتقاء آيات في غير محلها أن قالوا لنا (أصبروا لعلكم تفلحون) وأن للظالم يوم وينتهي ! فما بال اليوم عندكم طويل لا ينتهي بالأسباب ؟.
لا أقول قد عُدم العراق من رجال السقيفة فهذه ليست سنة الله على الأرض فلا بد من مؤمنين ومصلحين .
مقاربات السقيفة
رأيت مقاربة لمواقف الساسة الشيعة في العراق مع مواقف الصحابة في السقيفة ، ومن المهم القول أنها تشابه لمواقف أفراد لا تشابه خصائص فأين الثرى من الثريا ، كما أن هناك تناقض كبير بين نوايا نخبة الصحابة رضوان الله عليهم في الحفاظ على الدين وإصلاح المجتمع وبين نوايا التخريب من إيران ورجالها في العراق دين وأرض مما لا يخفى . رأيت مقاربات وهي هنا في فقرات :
1 ــ عندما نقارن ادعاء الشيعة بأن الحكم قد اغتُصب من آل البيت وصار لغير أهله ــ كما يزعمون بهتاناً ـــ مع ما جرى في العراق فسنرى أن السرقة واضحة عندهم لا لبس فيها، فلم يحكم العراق عراقيون حتى من كان منهم عراقي الأصل فالولاء لإيران فهم ليسوا أهله وإن تعددت المسميات، فالغالب على السلطة هو من يضع العنوان . الكل يعلم أن الديمقراطية والمشاركة عبارات لا معنى لها في الحقيقة عند اتخاذ القرارات لأن الأحزاب الشيعية هي الحاكم الفعلي وما وجود الأكراد وأهل السنة إلا لتكملة نصاب وضرورة إتمام ألوان اللوحة، بالرغم من أن الأكراد نجحوا في فرض مطالبهم عد مرات فهم لا يعبئون إن كانت رئاسة الحكومة لغيرهم والوزارات الحساسة لغيرهم ما دامت طموحاتهم مقبولة التنفيذ ، وهي تكوين دولة كردستان وفصلها عن العراق . من سرق حكم العراق ليس الشيعة فحسب إنما هي إيران بإطار ديني باسم شيعة آل البيت ، وما قاله المالكي بكل وضوح في أحدى المقابلات بأن الحكم للأغلبية ويقصد الشيعة (وهي فرية) ولم ينكر عليه أحد، وحين جلس مع نجاد مذلولاً مطأطأ كخادم وعميل لا رئيس لدولة عظيمة كالعراق بلا علم وراء كرسيه كما هو متبع في البلدان ولم نجد من ينكر عليه أيضاً فهذه رسالة من إيران بكون العراق بات كمحافظة تابعة لا استقلال وكيان ودولة ورضي بهذا العميل الفارسي وكل من سكت عن هذه الاستهانة وله وصمة عار . خسأ نجاد والمالكي ومن رضي ولعنة الله على إيران وهيهات وإلى حين يا عملاء .
2 ـــ عندما نسمع ما يقولون بأن الانتخابات والفوز هو حل حضاري ومقبول لتقاسم السلطة ولن تكون حكراً لأحد ثم ثم نرى أنهم بعد كل تنازع يجتمعون ثانية على هدف واحد يبطل خلافاتهم مهما عظمت، ويعيد صفوفهم وكأنها كما قالت طائفة من الأنصار في السقيفة ، ولا قياس فالفارق كبير إنما مقارنة أقوال ومواقف لا إيمان وعقيدة وصلاح : ( أملكوا عليكم أمركم فإن الناس في فيثكم وفي ظلكم ، ولن يجترأ عليكم مجترأ على خلافكم ولن يصدر الناس إلا عن رأيكم . أنتم أهل العز والثروة ، وأولو العدد والمنعة وذووا البأس والنجدة ، وإنما ينظر الناس إلى ما تصنعون . لا تختلفوا فيفسد عليكم أمركم ، أبى هؤلاء إلا ما سمعتم ، فمنـّا أمير ومنهم أمير ) . ما يجري من تقارب بين المالكي ومقتدى الصدر هو من هذا الباب، وهذه النظرة التي يراها الشيعة في أنفسهم وفيما بينهم لا ما نسلم لهم به .
3 ــ عندما يقول المالكي بأن الحكم للأغلبية، وما الباقي إلا لإكمال العملية ثم نرى عمليات الإزاحة بكل أشكالها الوحشية فهذا دليل على سياسة تتبع خطة مسبقة ، ودليل لعقيدة الثأر والانتقام المتأصلة منذ قرون في نفسية الفارسي سواء أكان بالأصل أو بالولاء، فالجرائم المنظمة في داخل غرف المنطقة الخضراء وتحت الغرف التي كشفها الأمريكان وهي عبارة عن سجون سرية تابعة له فهذه خطوة مهد لها سابقه المجرم المسمى إبراهيم الجعفري الذي أدخل فرق الموت من إيران وهو القائل طمعاً لولاية ثانية : (إن أصبحت رئيس للوزراء لن أدع سني واحد يعيش في بغداد) فهذه هي عقيدة القوم، وهو تصريح وصيغة تقديم عروض الطلب لعوام الشيعة لينتخبوه وتجديد بيعة لإيران، وطاعة لاستكمال خطة تشييع بغداد التي بدأت بعد تفجيرهم للمرقدين بالتعاون مع وزير الداخلية العميل (بيان جبر صولاغ) القيادي في فيلق بدر الإيراني من بين المئات من رؤساء فرق الموت في الحكومة والبرلمان . كل هذه الممارسات الوحشية وعمليات الإقصاء هي تكريس لمنع أهل السنة من الحكم ومن الجهاد ولمنعهم من فضح العملاء ومنعهم من حماية مناطقهم . المؤلم في الأمر عندما تيقنت هذه العصابة التي هي منظمة إجرامية كالمافيا بأن لا حساب ولا معارضة من أمريكا ومن دول العالم ولا حتى من العرب، المؤلم هنا ؛ شجعهم هذا على القيام بجرائم إبادة وصلت إلى مليوني شهيد من أهل السنة من عرب وتركمان عدا النصارى واليزيديين، مع أن الاحصائيات غير دقيقة وأقل من الحقيقة فلأهل السنة منها النصيب الأكبر، وكان هذا المجرم الذي ظهر في عهده التعذيب لأول مرة بآلة المثقب الكهربائي متورط بنفسه لضلوعه في قتل الصحفية (أطوار بهجت) رحمها الله ، والحادثة في يوم تفجير المرقدين أشهر من أن تُخفى ولكن أُخفي العقاب . كل هذه الجرائم والممارسات الطائفية تنطق بهذه المبادىء الصفوية فكانت قوى الحرس والشرطة في كل أزمة وبلا أزمة تجوب مناطق أهل السنة تتوعد لمن انتخب غير من ترضاه إيران، والوعيد لمن يعادي إيران وحكومتها في العراق بعبارات نابية طائفية تسب الصحابة وتعتقل وتقتل وتحطم الأثاث آمنة غير محاسَبة . المقاربة هي أني عجبت لهؤلاء الصفويين الذين ادعوا الديمقراطية والمصالحة والمشاركة وأفعالهم على النقيض فربما انتبهوا إلى حكمة ٍقالها سعد بن عبادة كبير الأوس حين سمعها : (هذا أول الوهن) فقد رفضوا هذا الاشتراك في الباطن وأظهروا الموافقة عليه في الظاهر ولسان حالهم يقول (هذا أول الوهن ولن يكون) .
4 ــ عندما نرى أتباع التيار الصدري ومجرمي مليشيات المهدي يتم الإفراج عنهم بصفقات ومساومات وأحزابهم ترفض المشاركة لأهل السنة بصريح العبارة ، وترفض السماح للقائمة العراقية أن تشكل الحكومة سابقا لأنهم وصفوها بالقائمة السنية فهذه هي الطائفية المقيتة ، والمهم أن اشتراك أهل السنة بصمراكز عليا يأتي دوماً بصورة شكلية والمسئول الفعلي شيعي صفوي كضرورة . عندما تتعالى أصوات الاستنكار والخلافات فكأن لسان حالهم يقول كما قال (الحباب بن منذر) حينها : ( يا معشر الأنصار، أملكوا على أيديكم ولا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه فان أبوا عليكم ما سألتموه فأجلوه من هذه البلاد وتولوا عليهم هذه الأمور . فانتم والله أحق بهذا الأمر منهم، بأسيافكم دان لهذا الدين من دان ممن لم يكن يدين ، أنا جـُذيلها المحكك، وعـُذيقها المرجب . أما والله لئن شئتم لنعيدنّها جـَذَعة) . ما أقرب هذا الخطاب في مضمونه بما جرى ويجري في العراق . أليس هذا التهجير للآلاف من أهل السنة هو الجلاء لمن يخالفهم ؟ أليس بأسلحة المليشيات فقد أهل السنة لأفضل رجالها وخلت لهم الساحة ؟ أليست اللافتات لمراكز الصدر في بغداد والتصريحات بعودتهم إعلان بعودة جرائمهم ؟ . القول هو القول مع فارق المضمون وتطبيقه فشتان .
5 ـــ عندما نرى أن (إياد علاوي) يجول بين واشنطن والسعودية ودول أخرى ويصرح بقوله : (أن المنطقة ككل سقطت فريسة مجموعات إرهابية تتلقى دعماً مالياً من إيران وأن طهران ترغب بالتأكيد في تغيير العملية السياسية في العراق بشكل يجعلها متوافقة مع تطلعاتها ومتطلباتها ) فيعني أنه تحذير للجميع وكأنه المشفق عليهم وعلى شعب العراق المبتلى المنهك من حزب المالكي ولكننا فهمنا أنها رسالة للعراقيين كأن لسان حاله يقول : لـَئن وليها حزب الدعوة عليكم مرة لا زالت لهم عليكم بذلك الفضيلة، ولا جعلوا لكم معهم نصيبا ً، وهذا ما قاله (أسيد بن حضير) أحد نقباء الأوس في سقيفة بني ساعدة : ( والله لـَئن وليتها الخزرج عليكم مرة لا زالت لهم عليكم بذلك الفضيلة ، ولا جعلوا لكم معهم نصيبا ً أبدا ) مع فارق ( فقوموا فبايعوا أبا بكر ) وكأنه أبدلها بالمبايعة والتأييد للقائمة العراقية ، والأغرب أنه أعترض بشدة على وصف قائمته بالسنية م‘ أن من كان له الفضل في فوزه هي أصوات أهل السنة ، فقد كشف عن طائفيته ، وما هو بعلماني فرفضه تعبير لمباديء عقائدية بصوت مسموع لأن زمن التقية قد ولى في ظل نظام يحميه وهذا هو المعيار الذي يعتمدون عليه في استعمال التقية في كل عصر والتاريخ شاهد .
تساؤلات مشروعة :
إن هذه المقاربات غريبة ننتظر بلوعة أن تكتمل برجال يقفون في وجه هؤلاء الجبارين الظالمين بحزم يلجموهم الحجة بأن من يحكم العراق يجب أن يكون من أهله، ومن المعروف له بالصلاح والإيمان ومن حملة القرآن والسنة ، وله مكانة بين القوم ورجاحة عقل وخبرة، فأين هم رجال السقيفة ؟ إلى متى نرى أفواج من الضحايا تنالهم أيادي الغدر لأنهم من الصفوة يُخشى منهم أن يمسكوا بزمام الأمور ؟ بل لمن ولماذا يجاهد الأشراف ؟ ولمن يغامر من ينطق بقول الحق ولمن يتحدى ويثبت في بيته ؟ ألا غاية ؟ أم بات الأمر أختيار أخير بلا مستقبل ولا مشروع . لماذا لا نجد من يرفع الراية ويوحد الكلمة من بين فصائل الجهاد من يقول هذي بنودنا وطريقنا لتولي الحكم ؟ أننا نتألم عندما نراهم منذ الغزو يكابدون ما لا يتحمله بشر، ويمر كل يوم عليهم وهم يدفعون دماءهم بلا غاية على الأرض تحقق مصلحة سياسية ، ونعلم أن جهادهم إنما أداء ما عليهم من فرض عين وواجب الدفع ولا أحد يبخس هذا ، بل هو شرف ومفخرة لنا فهم يرفعون رؤوسنا عالياً حفظهم الله وسدد رميهم وأهلك عدوهم ، إنما أراه بعين الحزن . ما أشبهه بانتحار لم يرتب لما وراءه فقد حاربوا عدواً وأهملوا آخر يتظاهر وينموا كل يوم . إن الذي يعتصر القلب له حزناً وفرقاً عندما أتخيل ما ستكون عليه النهاية مع حملات الاغتيالات والاعتقالات المستمرة لأهل السنة في كل مكان ولا حامي لهم من الحكومة الجائرة ، ولا تحرك دولي ولا صوت عربي ينطق وقد تعودوا على الكلام كأقصى درجات التحرك ولكنهم عجزوا حتى عن هذا . أين الهيئات الإسلامية الكبرى؟ هل أصبحت واجهات إعلامية تنقل أخبار وتنشر بيانات فحسب؟ وما هو نفعنا منها ومن المؤتمرات ؟ لا شيء وإن اعترضوا على هذه الحقيقة ولكنها حقيقة لا بد من مواجهتها بشجاعة حتى يكون التغيير ..
أين منا هؤلاء الرجال وإلى متى يعاني العراقيون في الداخل والخارج من أوكار العمالة في السفارات ومن جماعات منظمة تحتكر القرار ولا نرى أحد يضرب على أيديهم ويقول كفى تجاوزتم الحد ؟ . هل أصبح العراقي في الخارج مطلوب لعلمه مرفوض عندما يطالب بحقوقه ؟ أليس منهم النخبة أهل العلم والخبرة فلِم يتعرضون لشتى المضايقات وأنواع التهديد؟ وكأن القوانين والحقوق المدنية قد رفعت عنهم فلا بأس بتسلط جماعات عليهم ولا رقابة من الحكومة على من كون دولة داخل دولة . لا بأس فهم مجرد عراقيون ! . ما هذا الهون ؟ أم حتى لا يكون هناك مثل أبا بكر رضي الله عنه وإن كان لا يسعى للرئاسة أيضاً ؟ .
أتساءل وقد كثرت التساؤلات ولكنها مشتركة عند الكثير تنطق من عيون دامعة ووجوه حزينة ونفوس مكدرة من شيوخ ونساء وربما أطفال بدأ اليأس يتسرب إليهم ، وتمكن من السكن فيهم كزائر مفروض لولا الأمل بالله تعالى . الكل ينتظر الرجال ونحن موقنون بوجودهم لأنها سنة الله تعالى، لكن لا نرى أثر لأقدامهم قريبة ولا نسمع رائدهم بالبشارة، وأتساءل هل هناك ما ينتظرون منا ؟ أ تراهم يبحثوا عن شعب ؟ الشعب لا يجتمع على صدفة وبلا نخبة فكيف وهم مستضعفون مستهدفون ؟ هذي أصواتنا فأين أصواتهم من بين هذي الجموع ؟ وماذا يمكن أن نفعل أكثر مما نفعله الآن ؟ متى يأتي التغيير ؟ متى نرى تجمعهم بعمل جدي وخطوات فعلية ، أم بتنا نجيد الفشل في الاتفاق ولا نحسن اختيار المرجعية أهل الحل والعقد ؟ . لقد طالت المسافة بين زمن السقيفة وبين اليوم ولن يكون الأمر في التغيير بالسهولة ذاتها كما لو كانت منذ أول يوم، ومن المؤكد لن تنفع الأساليب السلمية من نقاشات ومؤتمرات ووساطات فقد تولدت ضغائن وحدثت مظالم وانعدم القضاء ، ويتطلب الأمر إلى أساليب تناسب الأحداث فهل هناك شيء منها ؟ أتساءل لمن أخطأ في التقدير هل تحمل مسئولية التصحيح ؟
إننا نرى تجمع رجال في سقيفة جديدة ولا نرى رجالنا فيهم . لقد رأينا سقيفتهم الفاسدة والخراب الذي نتج عنها ونحن نطالب بسقيفة الإسلام الحق لتكتمل نصابها ويكون الأمر لأهله أهل السنة والجماعة ، فهل لنا الحق أم مطالبنا غير مشروعة ؟ ما أحوجنا لوقفة عمر عندما قال : ( هيهات لا يجتمع اثنان في قـَرَن ، والله لا ترضى العرب أن يؤمروكم ونبيها من غيركم ، ولكن العرب لا تمنع أن تولي أمرها من كانت النبوة فيهم ، وولي أمورهم منهم ، ولنا بذلك على مـَن أبى من العرب الحجة الظاهرة، من ذا يقارعنا سلطان محمد وإمارته ـ ونحن أولياؤه وعشيرته ـ إلا مدل بباطل ومتجانف لإثم أو متورط في هلكة ) .
آه يا أبا بكر ويا أبا عبد الرحمن ويا عمر رحمكم الله يا قمم بين الرجال، ولله درك يا عمر من رجل ولله درها درتك . كان الأجدر بهم أن يمجدوك فلولاك لما وصل معمم شيعي إلى ما وصل إليه اليوم، ولا تجرأت إيران أن تقف بوجه العرب.نسأل الله العون والتمكين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق