بقلم /آملة البغدادية
صُدم العالم بالانقلاب العسكري الذي عطل الدستور الجديد لمصر وعزل الرئيس المنتخب محمد مرسي بيومين فقط ، ولكن لم يتفاجأ العالم الإسلامي فهي حرب على الإسلام بقيادة أمريكية إيرانية برايات علمانية بحتة .
مصر اليوم تشهد أكبر مرحلة حرجة وخطرة في تاريخها ، ومن المعلوم أن هناك انتقادات شديدة على حكم محمد مرسي الذي استمر عام واحد فقط من قبل المصريين ، وأهم الاعتراضات هو إدارة القرارات من قبل المرشد العام للأخوان ، والذي وصفوها بعد تغييرات في المناصب ب (أخونة الدولة) ، وقد خرجت مليونية تؤيد الرئيس وتصر على الشرعية التي تم اغتيالها برفض الديمقراطية التي منحت الحكم لحزب الأخوان المسلمين ، ومنحت الإقرار بالدستور بأصوات راجحة ، وفي مقابلها جموع عديدة تصر على إبعاد الأخوان كاستمرار لثورة الخامس والعشرون التي أطاحت بحكم(حسني مبارك ) وبفلوله كما يسمونهم . ومن المحزن الأحداث الدامية التي حدثت في التظاهرات وأمام بناية الحرس الجمهوري، والتي خلفت قتلى 42 من الأخوان ، مع جرحى بأكثر من 300 جريح، مع ضحايا من جانب معارضيهم ، وكلها دماء مصرية .
الحقيقة تكمن في طيات الأنباء المتعاقبة، والتي إن تم إحصائها، يُفهم حجم المؤامرة التي حيكت بليل أو بليال من قبل فلول مبارك أنفسهم ، وهم من العلمانيين الذين سمحوا على مدى عقود من الحرية أن تتمدد ، حتى كانت تسيب وتمرد ، ورفض لأحكام الإسلام الذي يرفض الغناء والرقص والمجون . إنها عقود من ثقافة ( الفن الجميل) مهما لبس من ملابس المجون مع مثلها من ثقافة (الكره للأخوان) ، قد أشعلت الثورة ، قادتها حركة شبابية تدعى (حركة تمرد) لا يُعرف لها توجه سوى أنها شبابية ، أو أُريد لها أن تظهر بهذا المظهر كشباب يرتدون ملابس عادية جداً وأحياناً قريبة أن تكون ملابس رثة ، وفي جميع اللقاءات بشكل ملفت للنظر لجلب التعاطف وإيهام الناس بكونها ثورة شابة، وقوتها أنها من أكثر الناس فقراً وبعداً عن السياسة ، خاصة وأن رئيسها والناطق لها شاب يدعى (محمود بدر) أنها ذاتها الثورة واستمرار لها . وتدعي الحركة أنها قامت بحملة ووزعت استمارات بتواقيع مليوني مصري لسحب الثقة من الرئيس مرسي . ليس غريباً في الأمر أن هناك جبهة معارضة أخرى ، لها ثقل كبير لم تتقدم بهذه الحملة ولا الإعلام وتقود الجمهور ، وهي (حركة الإنقاذ الوطني) المؤسسة في عام 2012 ، وتضم كل العلمانيين الكبار في عهد مبارك مثل محمد البرادعي وعمرو موسى وحمدين صباحي وغيرهم . هذا وحده يبرر ظهور هذه الحركة لشابة من المجهول بدلاً عن هؤلاء لكونهم من فلول مبارك ، فلا يمكن أن تأتي ثورة 30 تنقض ثورة 25 وهم يدعون أنها امتداد لها . من المهم أن يفهم المواطن المصري خاصة ً، أن البرادعي دعم تمرد وصرح بأن دم حسن شحاتة هو من أزاح مرسي ، وأن تمرد نفسها ممولة من إيران وأعضاءها خليط من شيعة وربما أيضاً شيوعيين ، وكليهما ترفضان بنود الدستور الذي يعتبر الشريعة الإسلامية المتمثلة بنهج أهل السنة والجماعة هي المصدر في القوانين . الأكثر من هذا كله أن أعضاء حركة تمرد يرفضون تماماً حكم الإسلاميين ويصرون على أن من يحكم هم (منهم) والأقباط والعلمانيين، ولا شك أنهم هم من ضمن جماعة ( بلاك هوك ) الغامض .
الأكثر غرابة أن جبهة الإنقاذ في بيانها الثاني اعترفت بصريح العبارة أنها عازمة على القضاء على تنظيم الأخوان كحزب وليس تنحيته من الحكم فقط ، في النص من صحيفة الشرق الأوسط : طالب البيان جماهير الشعب المصري "بالبقاء السلمي في جميع ميادين وشوارع وقرى ونجوع البلاد والإمتناع عن التعامل مع الحكومة الإخوانية...حتى سقوط آخر معاقل هذا التنظيم المستبد". هذا لا يتم إلا بالتخلص نهائياً من قاداته وربما من الآلاف من المنتمين للحزب ، ولا يُستبعد أن تنال العقوبة كل من تبدر منه إشارة اعتراض أو ربما تبدو منه هيئة ملتحية ، ومن علامات الريبة، أن أول قرار هو إلغاء الدستور والعمل على تعديل فقراته ، في حين أن من كتب هذه البنود هو عمرو موسى أحد أعضاء جبهة الأنقاذ ذاتها ! .إذن فالمسألة ليست تطهير مصر من الاستبداد بل تهيئة لها بصبغة إرهابية ضد الإسلام .
إن القضية في مصر الكنانة ليست مسألة سياسية واختلاف في الحكم ، بل هي مسألة هوية عندما يكون الإعلام ضد الأخوان ، فالإعلام فرع من شجرة زُرعت في أرض مصر بظهور مهنة الفن وصناعة الأفلام من بداية القرن الماضي ، وكانت من ثمراتها امبراطورية تمسك بزمام الدولة في الخفاء ، وتسكن في قلعة أسمها (المدينة الإعلامية ) تحرسها أجهزة أمن الدولة ، وتصل إلى حد الحكم على شيخ وعالم دين (عبد الله جبر) نصرة ً للفنانة ( إلهام شاهين ) ، والأكثر من هذا غلق قناة الرحمة ذاتها مرتين آخرها منذ أيام بعد إعلان السيسي تعطيل الدستور وعزل الرئيس المنتخب، مع أن كل هذا لم يشفع للرئيس مرسي ولا للأخوان .
ما لا ينتبه الكثير له أن هذه الأمبراطورية أصبحت تمثل أقتصاد مصر الحقيقي مما تجلبه من موارد مادية هائلة ، ومما تموله مؤسسات خطيرة تابعة لأثرياءهم من أمثال (ساويرس) مؤسس قناة (أو تي في) المتوقفة حالياً . ومما لا يعرفه الكثير ، أن مجموعة من الفنانيين قد تبرعت بأموال لصندوق الدعم الوطني بعد هذه الثورة تحديداً ، بينما يلاحظ الغالبية أن في حكم مرسي تم توجيه التهم لعدد من الفنانين والإعلاميين من جملتهم صاحب قناة الفراعين بعد تعرضه لشخص الرئيس مع عدد آخر من الإعلاميين ، وقد خرجوا بكفالة ! ، بينما تم اعتقال الرئيس وقادة الأخوان ومن يواليهم من علماء الدين ، بل وتم غلق أربعة قنوات فضائية دينية ، وخرج على الإعلام أصوات تنادي بغلق القنوات الدينية جميعها . ومما يجدر الإشارة إليه أن أبنة المرشح ( حمدين صباحي ) المذيعة ، هي أخرى تم توجيه تهمة تتعلق بالمال ، وحمدين أحد أعضاء جبهة الإنقاذ هذه ، فهل هناك ترجمة أوضح عن جهة من جهات تسخير الأموال لتغيير الحكم ؟
على أهل مصر أن يعيدوا مفاهيمهم، ويرفعوا الازدواج في الهوية سمة غالبة ، فبعد أن أصبح السائد من الشباب يرون أن الانظمام إلى الفن والمسابقات شيء عادي جداً ، وهو مظهر من مظاهر التحضر أن يكون الشاب أو الشابة مطربة والوالدة محجبة ، تكون أحد أسباب الاعتراض على حكم الأخوان هو تضييق الخناق على الفن وأهله . المشكلة القائمة ليست ضد الأخوان بعينهم ولا هي دفاع عنهم فهم ارتكبوا من الأخطاء الكثير ، وتعجلوا على شعب لم يالف التغيير ، ولم يشرحوا لهم أهمية أن يملك الرئيس صلاحيات مطلقة ، بل لم يقوموا من أول أيام حكمهم على تقديم كبار مافيا المخدرات، الذين يتربعون على كراسي السلطة منذ عقود حتى نهشت في جسد المصريين وفي اقتصاده .
على أهل مصر أن يفهموا أن الثورة هي ثورة على الإسلام بتغييره إلى حكم علماني يبدأ وهو في طور الإنشاء والمشاورة بوضع كبار علماء أهل السنة والجماعة تحت الإقامة الجبرية . إن هذه الإشارات الخطيرة التي تدق ناقوس الخطر تحتم عل الشعب المصري وهو المسلم بفطرته أن يتقبلوا الديمقراطية التي تحتم عليهم احترام حرية المواطن في الاختيار ، ثم احترام اختياره ، ثم طريقة الاعتراض على الحكم بواسطة نواب الشعب وانتخابات قادمة تفرض التزام الحكومة بالتغيير، هذا من أجل حقن الدماء ومصير البلاد والأمة جميعها
وعلى العرب أن يفهموا خطورة الضلوع في التدخل في الشأن الداخلي لبلد عربي بحجة حماية أنظمتهم ، وهذا يفسر تدخل الإمارات والسعودية والمنح التي أغدقتها على مصر، في حين أن يتم تغيير المرشحين في الفترة الانتقالية لرئاسة الوزراء والنواب ،حتى وصلت إلى ترشيح ( حازم عبد العزيز الببلاوي ) وهو مستشار صندوق النقد العربي في أبو ظبي .
* يوتيوب من الناطق لحركة تمرد كيف يرفض الإسلام لأنه يريد دوام الفن والغناء !
http://safeshare.tv/w/zFwCnDrdkz
المقابلة مع قناة العالم ( الإيرانية ) الخاصة بحزب الله .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق